فأمراض القلب لا تحدث فقط عند البالغين وكبار السن، لكن تحدث أيضًا للأطفال وحديثي الولادة، فبعض عيوب القلب الخلقية عند الأطفال بسيطة، لا تتطلب فيها بالضرورة العلاجية، إلا أن بعض عيوب القلب الخلقية الأخرى معقدة، تتطلب فيها العديد من العمليات الجراحية وعلى مدى سنوات عدة، وغالبًا ما يتم تشخيص عيوب القلب الخلقية الخطيرة قبل ولادة الطفل أو بعدها بفترة وجيزة، لذلك يجب على الوالدين التماس العناية الطبية الفورية في حالة ظهور أي علامات أو أعراض سلبية؛ من أجل الحصول على التشخيص الدقيق، وبالتالي الحصول على العلاج في الوقت المناسب.
تقسم الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال إلى فئتين رئيسيتين هما:
1. خلال الأسابيع الأولى من الحمل: ففي خلال الأسابيع الستة الأولى من الحمل، يبدأ قلب الجنين بالتشكل ويبدأ في النبض، وتبدأ الأوعية الدموية الرئيسية التي تمتد من القلب وإليه في التطور، خلال هذه المرحلة الحرجة من الحمل قد تبدأ عيوب القلب في التطور والظهور، بفعل بعض العوامل منها: العوامل الوراثية- وبعض الحالات المرضية- وبعض الأدوية- وهناك العوامل البيئية والعادات السلوكية مثل التدخين.
وتكشف البيانات الإحصائية أن متوسط معدل الإصابة بعيوب القلب الخلقية المبلغ عنها في دراسات مختلفة يصل إلى 8 إصابات لكل 1000 مولود.
2. خلال مرحلة البلوغ: غالبًا ما يتم تشخيص عيوب القلب الخلقية الخطيرة قبل ولادة الطفل أو بعدها بفترة وجيزة، لكن في بعض الحالات يتم اكتشاف عيوب القلب خلال مرحلة البلوغ مثل: الأوعية الدموية غير الطبيعية- وعيب الحاجز (الأذيني والبطيني).
ومن الجدير بالذكر أن عيوب القلب إذا تركت دون علاج، وتطورت بشدة، عندها لا يكون هنالك من علاج إلا العلاج الجراحي، لكن في بعض الحالات التي تكون فيها عيوب القلب غير خطيرة مثل: حدوث ثقوب صغيرة في الحاجز، أو ضيق خفيف في صمام القلب، فمثل هذه الحالات لا تكون العلاجات الطبية مطلوبة، لكن يوصى وبشدة بضرورة إجراء تعديلات على نمط الحياة المعيشية؛ لمنع حدوث مضاعفات لا يرجى حدوثه.
أمراض القلب المكتسبة عند الأطفال
أمراض القلب المكتسبة تتطور عند الأطفال بعد الولادة، ومن الأمراض القلبية المكتسبة الأكثر شيوعًا عند الأطفال ما يلي:
- مرض القلب الروماتيزمي: وهو حالة تتضرر فيها صمامات القلب بشكل دائم بسبب الحمى الروماتيزمية، قد يبدأ تلف صمام القلب بعد فترة وجيزة من عدوى المكورات العقدية الناتجة عن عدم علاج التهاب الحلق العقدي أو الحمى القرمزية علاجًا صحيحًا، غالبًا ما تصيب الحمى الروماتيزمية الأطفال في سن المدرسة، وعلى الرغم من أن عدوى المكورات العقدية شائعة، إلا أن الحمى الروماتيزمية تبدو نادرة بسبب تطور الأدوية، خاصة في البلدان المتقدمة.
- مرض كاواساكي: يعد مرض كاواساكي من الأسباب الرئيسية لأمراض القلب المكتسبة عند الأطفال، والذي يسبب التهاب في جدران الشرايين في جميع أنحاء الجسم، ويميل الالتهاب إلى إتلاف الشرايين التاجية التي تمد عضلة القلب بالدم، مما يؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية في الشريان التاجي.
- التهاب عضلة القلب: والذي يعرف كذلك باسم التهاب عضلة القلب الفيروسي، الناجم عن الإصابة بالعدوى الفيروسية، والذي يسبب في تعطيل نظام التوصيل الكهربائي للقلب، إضافة إلى ذلك يعد التهاب عضل القلب من أحد الأسباب الرئيسية لتوقف القلب المفاجيء.
- مشاكل في ضربات القلب: والتي تعني بأن نبضات القلب غير طبيعية، فقد يكون نبض القلب سريعَا جدًا، أو بطيئة جدًا، أو بنمط غير منتظم (اضطراب النظم القلبي)، أما الحالة الأكثر شيوعًا عند الأطفال هي سرعة نبضات القلب يحيث لا يمكن للقلب أن يمتليء بالدم (أثناء الانبساط) قبل التقلص لضخ الدم خارجًا (أثناء الانقباض)، ومن الأعراض التي تدل على مشاكل في ضربات القلب: خفقان القلب، وألم الصدر، والدوخة، كما يمكن أن تؤدي المضاعفات الناتجة من مشاكل في ضربات القلب إلى حالات قاتلة كمثل الموت القلبي المفاجيء.
العلامات والأعراض الدالة على مرض القلب الخلقية:
عادة ما يظهر مرض القلب الخلقي الخطير بشكل واضح بعد الولادة بفترة وجيزة، وتشمل العلامات والأعراض الرئيسية ما يلي:
- ضيق التنفس أثناء الرضاعة، مما يؤدي إلى ضعف النمو وعدم زيادة وزن الرضيع.
- تصبغ الجلد والأظافر باللون الرمادي الباهت أو الأرجواني أو الأزرق الشاحب (الازرقاق).
- سرعة التنفس.
هذا وقد لا تظهر على الطفل أي علامات ملحوظة تدل على وجود مشكلة في قلبه، إلا بعد بلوغه سن 20-30 سنة، ومن الأعراض التي تشير إلى إصابة الطفل الأكبر سنًا بأمراض القلب الخلقية ما يلي: الإصابة بضيق التنفس بسرعة أثناء ممارسة الأنشطة، والإرهاق أو الإغماء بسهولة أثناء ممارسة الأنشطة كذلك.
علاج أمراض القلب الخلقية
بعض عيوب القلب الخلقية مثل الثقوب الصغيرة، قد تصحح نفسها مع نمو الطفل، إلا أن هناك بعض العيوب الخطيرة التي يلزمها العلاج بشدة، وذلك اعتمادًا على حسب نوع العيب وشدته.
العلاج باستخدام القسطرة:
يتم إصلاح عيوب القلب الخلقية لدى بعض الأطفال والبالغين باستخدام تقنيات القسطرة، حيث يسمح هذا الإجراء الأقل توغلاً بإجراء الإصلاح دون الحاجة إلى فتح الصدر والقلب جراحيًا، وغالبًا ما يستخدم القسطرة لإصلاح الثقوب أو توسيع المناطق الضيقة، ففي أثناء إجراء العلاج يتم إدخال أنبوب رفيع (القسطرة) في وريد الساق ويوجهه إلى القلب بمساعدة صور الأشعة السينية، وبمجرد وضع القسطرة في موقع العيب، يتم تمرير أداة صغيرة مثل رقعة شبكية أو سدادة عبر القسطرة؛ لإغلاق الفتحة أو لإصلاح العيب، تنمو أنسجة القلب حول الشبكة، وتغلق الفتحة بشكل دائم في غضون 3 أشهر.
يمكن إجراء هذا العلاج للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 5 سنوات والبالغين، وسيتم وصف عقار الأسبرين المضاد للصفيحات لمدة ستة أشهر على الأقل؛ وذلك من أجل تثبيط الأداء الطبيعي للصفائح الدموية، ومنع تكوين الجلطات في المناطق المعالجة، وبعد تلقي العلاج يلزم على المريض إجراء متابعة دقيقة باستخدام مخطط صدى القلب بالمدة التي يقررها الطبيب، سواء كل شهر أو كل ثلاثة أو ستة أشهر أو سنة، كما يلزم على المريض كذلك اتباع جميع النصائح الطبية التي يقدمها أطباء القلب بدقة.
وعلى الرغم من إمكانية استخدام القسطرة لعلاج عيوب القلب الخلقية بنسبة تصل إلى 75٪، إلا أن هذا الإجراء قد لا يكون مناسبًا لبعض الحالات المعقدة، فقد تتطلب بعض الحالات جراحة القلب كعلاج من الدرجة الأولى، فتحديد خيار العلاج المحدد يتم بشكل أساسي بالنظر إلى الحجم والموقع ونوع العيب، بالإضافة إلى الظروف الشخصية عند كل فرد.